لقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:" من شرب من الخمر شربة لم
تقبل منه صلاة سبعة أيام، ولم يقبل منه صيام". ابن ماجه.
واعلم أن في شربها عشرة خصال مذمومة:
أولها: أنها تذهب في عقل شاربها حتى يصير مضحكة للصبيان، ومهزأة كما روي عن ابن
أبي الدنيا أنه قال: رأيت سكران يبوّل ويمسح وجهه ببوله، وهو يقول: اللهم اجعلني من
التوّابين، واجعلني من المتطهرين.
ورأى سكران قد تقيأ والكلب يلحس فاه، والسكران يقول: أكرمك الله يا سيدي كرامة أوليائه.
والثانية أنها تتلف المال وتفسده، وتعقب الفقر، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اللهم
أرنا في الخمر فانها متلفة للمال مذهبة للعقل. سنن أبي داود.
والثالثة: أنها توقع العداوة والبغضاء. قال الله تعالى:{ انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم
العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون}
المائدة 91. ويريد: انتهوا عنهما. قال عمر: انتهيت يا رب، انتهيت.
والرابعة: يحرم صاحبها لذة الطعام وصواب الكلام.
والخامسة: أنه تحرم عليه زوجته، فتكون معه على الزنى، وذلك أن اكثر كلامه بالطلاق،
فربما حنث ولم يشعر، فيكون معها زانيا، فانه روي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم: من
أنكح كريمته شارب الخمر، فقد ساقه للزنى.
والسادسة: أنها مفتاح كل شر توقعه في جميع المعاصي، كما روي عن عثمان بن عفان
رضي الله عنه أنه قال في خطبته: أيها الناس، اتقوا شرب الخمر، فانها أم الخبائث.
والسابعة: انها تؤذي حفظته بادخالها في مجلس الفسوق والفجور والروائح الكريهة.
والثامنة: أنه أوجب على نفسه الحد ثمانين جلدة، فان لم يضربها في الدنيا ضرب في الآخرة
على رؤوس الأشهاد.
والتاسعة: أنها تسدّ دونه أبواب السماء، فلا يرفع له عمل ولا دعاء أربعين يوما.
والعاشرة: أنه خاطر بنفسه وبدينه، فيخاف عليه أن ينزع منه الايمان عند الموت.
كما روي عن بعضهم أنه قال: رأيت انسانا يجود بنفسه عند الموت وهو يقال له: قل لا
اله الا الله، فكان يقول: اشرب واسقني. وذكر عن عبدالله بن مسعود أنه قال: اذا مات العبد
المخمور، فادفنوه واحبسوني، واحفروا عليه، فان لم تجدوا وجهه مصروفا عن القبلة، والا اضربوا عنقي.
فهذه عقوبته في الدنيا، وأما عقوبته في الآخرة، فانها لا تحصى من شرب الحميم والزقوم
وعصارة أهل النار في النار، الى غير ذلك من العذاب والنكال. أعاذنا الله منه.